DOCUMENT

تقديم كتاب آيات بين الاستكبار والحس السليم

today4 juillet 2023 394 1 2

Arrière-plan
share close

تقديم كتاب آيات الله بين الاستكبار والحس السليم

  • cover play_arrow

    تقديم كتاب آيات بين الاستكبار والحس السليم soodaan3

 

إن سيدنا إمام الله المهدي (عليه الصلاة والسلام) هو المقصد الذي يجب أن يلتجأ إليه الإنس والجن. ويجب تسهيل وتنويع الطرق التي تفضي إليه. فاللغات واللهجات التي تنطق بها مختلف الطوائف سبل يمكن أن تيسر لنا الوصول إليه. ولهذا السبب، بعد أن قمت بنشر كتابيّ محيط أنوار سيدنا إمام الله المهدي (عليه الصلاة والسلام) وآيات الله بين الاستكبار والحس السليم، أردت أن أترجمهما إلى لغات شتى لأساهم في مضاعفة وتنويع تلك السبل. ويمكن تلخيص الغرض من هذين الكتابين في أربع نقاط:

أولا: هو أن نذكر بأن النبي له دائمًا بينة، ذلك لأنه إذا بُعث النبي إلى العباد دون أن يجدوا الإمكانية للاعتراف به فسيكون ظلما، وما الرب إلا المقسط والعدل. هذه النقطة الأولى بعيدة كل البعد عن البساطة، لأنها تكشف أن كل فرد عاقل يقدر على أن يميز النبي الصادق من المدعي الكاذب: إنما يعرف النبي الصادق بقدرته على إتيان بينة، والزائف المدعي بتعذره الإتيان بها. عندما أعلن سيدنا إمام الله المهدي أنه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ورجع لرسالة أخرى، كان ينبغي أن نطلب منه بينة، لا غير. وما كان للمرء أن يقول إن مجيئ النبي مرة ثانية أمر مستحيل، ولا أيضًا أن يتعجب من أن القرآن والسنة أو كتب العلماء لم تخبره مثل هذا الواقع. ويظهر مثل هذه الخلافات المصطنعة حول رسالته جهل غالبية المسلمين بالمكانة العالية التي تحتلها البينة في رسالة النبي. ربما هي محاولة ردع تهدف إلى صرف انتباه الناس عن أهمية البينة. أفضل الطريقة لنتحقق أن شخصا ما حاز على درجة الإجازة أو الماجستير أو الدكتوراه هي أن نطلب منه شهادة ولا أن نسأله أين تم التنبؤ بها. يقول المثل اللاتيني: « Affirmanti incumbit probation » أي البينة على من يدعي.

إذا علمنا أن الدبلوم أو الشهادة تدل على صدق من يدعي أنه حصل على درجة الإجازة أو الماجستير، فلا بد أن نعلم أن البينة تدل على صدق من يدعي النبوة. إذا تأكد أن الشخص الذي أعلن نفسه نبيًا قد قدم البينة، فلا يجب منطقيا أن يحدث أي جدل. يقول الله عز وجل: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ }.[1]

وتشهد هذه الآية أن هناك أنبياء لم يُذكر اسمهم في القرآن ولا في السنة ولا في كتب العلماء من جهة، وأنهم يمتلكون جميعًا بينات من جهة أخرى.

ثانيا: تحديد طبيعة هذه البينات الإلهية. فحين نرجع إلى عدة آيات من الذكر الحكيم، نثبت أن هذه البينات هي الآيات. لم يكن الاستعراض صعبا لأن عدد الآيات القرآنية التي تشير إلى الترادف بين الكلمتين كثير. وقد اخترنا منها ما يلي:

{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ}.[2]

نلاحظ أدناه أن النبي عيسى (عليه السلام) يصر على الآيات التي أتى بها ليثبت أنه نبي الله.

{أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.[3]

وفي الآية التالية، يجعل الله الترادف بين « البينات » و « الآيات » عندما يقول:

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10) }.[4]

ثالثا: تعريف الآية. كل ما هو حق (موجود) آية الله. فكون الله واجد كل الخلق يجعله ينسب إلى نفسه كل موجود فيسميه آية الله. نسمع الإيرانيين يدعون مرشدهم آية الله. في الواقع، كل مخلوق هو آية الله، سواء كان بشرا أو حيوانا أو ريحا أو بحرا أو غابة أو ثلجا وما إلى ذلك ونحن جميعا خلق الله.

ومن بين الآيات القرآنية التي تثبت أن الحق مرادف للآية، ما يلي:

{ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ (76) قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)}.[5]

وعلى غرار من سبقوهما، جاء موسى وهارون إلى فرعون ليبلغا كلام الله، حاملين معهما آيات تتسم بأحداث حقيقية غير عادية وافق الجميع على أنها تتجاوز الإمكانية البشرية، إلا فرعون وملئه الذين احتقروها استكبارا ووصفوها بسحر مبين. تحولت عصا موسى إلى ثعبان مبين، ولم تزل حبال السحرة وعصيهم حبالا وعصيا. فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ثم قال فرعون وملئه إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ.  فكم كانت مفاجأة موسى لما سمع حيلتهم!

رابعا: بعد أن قمنا بتعريف الآية، لم نجد أية صعوبة في إثبات أن التوحيد هو الإيمان بمن يدعي أنه رسول الله ثم يأتي بالحق. لا يمكن أن يتعارض الحس السليم مع الحق، وتكذيبه شرك في الربوبية لأنه ادعاء بوجود خالق آخر من دون الله. إنه هراء نبت من جرح الاستكبار. فالتكبر في الواقع هو السبب الوحيد الذي يؤدي إلى إنكار الحق كما ورد في القرآن:

{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}.[6]

إنه من السخافة أن تشاهد انشقاق القمر دون القدرة على أن تقبل أن خالق هذا النجم هو واجد هذا الحق. إنه سوء نية يكشف عن إنكار حق مزعج. وهذا بالفعل ما ورد في سورة القمر:

{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوۡاْ ءَايَةٗ يُعۡرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحۡرٞ مُّسۡتَمِرّٞ (2) وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَكُلُّ أَمۡرٖ مُّسۡتَقِرّٞ (3) وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَآءِ مَا فِيهِ مُزۡدَجَرٌ (4) حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ (5)}[7]

لا ينفع إتيان الآيات لإقناع شخص عنيد يقرر حبس نفسه في حالة الإنكار.

وكذلك أن تشهد تراجع البحر وضبطه في الحد الذي خطه سيدنا إمام الله المهدي (عليه الصلاة والسلام)، وتزعم فيما بعد بأن خالق هذه المساحة المائية ليس واجد هذه الأحداث نهج غير مفهوم يظهر عدم موافقة المرء على مشيئة الله. لا يمكن أن يصمد إنكار الحق أمام قوة النظر والخبرة، ولكن التعنت يستطيع ذلك بشكل جيد للغاية. يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن:

{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.[8]

ويتعين على كل واحد منا أن يختار بين اتباع ظنه ومعتقداته أو اتباع الحق.

في نهاية بحثنا، نرى أن الجنة دار يختص للذين يتبعون الحس السليم والجحيم للذين لا يبالون بقوة الحق استكبارا.

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.[9]

إن التحدي الذي يواجه الذين يرفضون البينات التي أتى بها سيدنا إمام الله المهدي عليه الصلاة والسلام هو تعيين موجد آخر يعتقدون أنه يعطيه إياها. كل آية، كل حق، كل بينة يقدمها نبي يمثل تحديا للذين يكفرون به.

الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ

وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ[10]

 

لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ

أيها السادة والسيدات، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إنه لشرف عظيم لي أن أكون هنا أمامكم اليوم لأقدم لكم كتابيّ محيط أنوار سيدنا إمام الله المهدي (عليه الصلاة والسلام) وآيات العليم بين الاستكبار والحس السليم وترجمتهما، وأرجو أن يساعدا على تمييز الحق من الباطل في هذه المهمة التي تعد من مهام آخر الزمان.

الحمد لله الذي هدانا إلى قبول الآيات والبينات التي تبرهن على صدق رسالة سيدنا إمام الله المهدي، والصلاة والسلام عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] سورة إبراهيم: الآية 9.

[2] سورة الأعراف: الآية 73. إشارة إلى معجزة الناقة، يقال إنها خرجت من صخرة.

[3] سورة آل عمران: الآية 49.

[4] سورة الروم: الآية 9-10.

[5] سورة يونس: الآية 75-77.

[6] سورة الأعراف: الآية 146.

[7] سورة القمر: الآية 1-5.

[8] سورة الحج: الآية 46.

[9] سورة الأعراف: الآية 179.

[10] S. 7, V. 181-182.

Écrit par: soodaan3

Rate it

Commentaires d’articles (1)

Laisser une réponse

Votre adresse email ne sera pas publiée. Les champs marqués d'un * sont obligatoires


0%
Restez informé des nouvelles publications en activant les notifications...! OK Non